عبـد اللطـيف حـراق
لماذا لم يحصل التحول الديمقراطي في دول الربيع العربي، على الأقل في الفترة الراهنة التي تلت ثورات الربيع العربي؟؟
يمكننا آن نحدد ثلاث عوامل أساسية أعاقت هذا التحول الديمقراطي في بلدان الربيع العربي :
1ـ الصراع الإيديولوجي بين التيارات المشاركة في الربيع العربي (إسلامي - يساري )، فكل تيار منهما سعى إلى تحويل مسار الثورة لصالحه و جني قطاف الثورة لصالحه قبل نضوجها و استكمال أهدافها . هذا الصراع اتخذ أساليب غير مشروعة و منحيات خطيرة عصفت بما تبقى من الثورة. ويأتي النموذج المصري شاهدا واضحا عن هذا الصراع و كيف سعت جماعة الإخوان المسلمون لسرقة الثورة و بطرق ملتوية غلفت بمظاهر ديمقراطية شكليا و صوريا فقط ، ولم تتخذ جوهر العمل الديمقراطي كأساس للوصول السلطة عبر استعمال الخطاب الديني كمرجع أساس لإسثمالة الناخب العربي البسيط و أيضا استغلت توغلها في البؤر الفقيرة من المجتمع . و سارعت هذه الجماعة إلى التفرد بالسلطة و إقصاء مكونات أساسية من العملية السياسية و أخص بالذكر هنا القوى الثورية الشبابية التي كانت وقود اندلاع الثورات العربية .
2ـ الثقافة السياسية الهشة للقواعد الشعبية قابلة للتعبئة ضد مبادئ الديمقراطية، وهذا طبيعي في مجتمعات لم تتمرس بالعمل الديمقراطي، ولم تتشرب قيمه، أو تنشأ عليها. ولكن المسؤولية تقع على من لم يتورع عن تعبئة المجتمعات ضد هذه المبادئ، واستخدام التجهيل ذخيرة له ضد خصمِه، بدل تحمل المسؤولية عن التحول الديمقراطي كعملية بناء، هي ذاتها مسؤولية وطنية.
3ـ توغل الدولة العميقة و رسوخها في المجتمع و داخل عقلية المواطن العربي، و سعي هاته الدولة عبر مختلف أجهزتها إلى الإجهاز على بعض مكتسبات الثورات ، و لا ننسى الدور الكبير و الفاسد الذي لعبته بعض القوى الإقليمية الرجعية المعادية للتحول الديمقراطي .
و في الأخير فإن القارئ للتاريخ الثورات يعلم أنه لا يمكن التحول الديمقراطي بين يوم و ليلة ، فالتحول الديمقراطي يلزمه الكثير من الوقت و يمر عبر تجاد بات و تصادمات كثيرة ، وأن العالم العربي يعيش حالة من المخاض العسير و الصعب من اجل ولادة الديمقراطية في أبهى صورها و أرقى تجلياتها أو في حدود الممكن، وهي ولادة آتية لا ريب فيها
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire