lundi 25 novembre 2013

الخلافات المغربية ـ الجزائرية.. سحابة صيف أم أزمة عميقة؟




 شهدت العلاقات الجزائرية المغربية مؤخراً أزمة حادة بعد تطور الخلاف بين البلدين حيال مسألة الصحراء الغربية، وصولاً إلى مطالبة ساسة مغربيين بأراض في الجزائر نفسها.
وبدأت الأمور تسوء بين البلدين عقب قرار المغرب استدعاء سفيره للتشاور على خلفية موقف الجزائر الداعي إلى إنشاء آلية دولية لمراقبة وضعية حقوق الإنسان في الصحراء الغربية، وهو القرار الذي رأت فيه الجزائر بأنه غير مبرر ودعت إلى التعقل.
وازداد الوضع سوءاً عقب اقتحام متظاهرين مغاربة للقنصلية الجزائرية العامة بالدار البيضاء وتدنيس العلم الجزائري، مما جعل المراقبين يتساءلون هل هي سحابة صيف أم أن الأمور ستتطور إلى الأسوأ بين البلدين، بخاصة تمسك الجزائر بضرورة اعتذار المغرب قبل الحديث عن تطبيع الوضع.
وقال الدبلوماسي والوزير الجزائري السابق عبد العزيز رحابي إن حالة التوتر بين البلدين تتجاوز الموقف من الصحراء الغربية إلى مسألة مطالبة بعض السياسيين المغاربة بحقوق في الأراضي الجزائرية.
وأضاف رحابي أن ‘ مشكلة الحدود بين البلدين انتهت قانونيا ، فاتفاقية أفران التي رسمتها تم المصادقة عليها في 1972 وتم إيداع وثائق التصديق لدى الأمم المتحدة، والمشكلة هي في توظيف هذا الملف في الفكر التوسعي الموجود لدى البعض في المغرب، بخاصة عند حزب الاستقلال الذي يتحدث منذ الخمسينات عما يسميه الحدود التاريخية للمغرب الكبير التي تمتد من شمال غرب وجنوب غرب الجزائر إلى غاية حدود نهر السنغال’.
وأشار إلى أن ‘هذا موجود حتى في المناهج الدراسية في المغرب، كما أن المغرب لم يعترف باستقلال موريتانيا حتى العام 1969 بعد عدة وساطات وتدخلات، فالأطماع التوسعية المغربية وبخاصة في الخطاب أو تحصل مشكلة داخلية في المملكة’.
واعتبر أن الأزمة ‘وصلت إلى قمتها والآن هدأت الأوضاع ولكن يجب الكشف عن نتائج التحقيق في حادث الاعتداء على قنصلية الدار البيضاء’ مبدياً أسفه لأن المغرب لم يعتذر رسمياً لغاية اليوم ‘ رغم أنهم يقولون أنهم قدموا اعتذارا لسفير الجزائر في المغرب’.
ورأى رحابي أن الدبلوماسية الجزائرية’ لم تعط الأزمة أكثر من حجمها لأن لدى الجزائر اهتمامات دولة محورية في المنطقة، وعدة ملفات يجب أن تسيرها ابتداء من الأزمة في تونس والأوضاع المعقدة والاستقرار الهش في ليبيا وأزمة مالي ومشكلة الإرهاب في كل منطقة الساحل، وبالتالي فإن الملف المغربي ليس له كل هذا الثقل’.
ودعا إلى ‘عدم الوقوع في فخ دبلوماسية الملف الواحد، في حين الدبلوماسية المغربية هي دبلوماسية الملف الواحد فكل حدودها مع الجزائر والصحراء الغربية فقط’.
ولم تبد الجزائر ليونة في تعاطيها مع المغرب منذ الاعتداء على قنصليتها في الدار البيضاء وتدنيس العلم الجزائري (1 تشرين ثان/نوفمبر الماضي) في يوم كانت تحتفل فيه بالذكرى 59 لاندلاع ثورة التحرير ضد فرنسا، وهي الحادثة التي رفضت الجزائر اعتبارها فعلا معزولا كما يريد أن يصورها المغرب.
وربط وزير الشؤون الخارجية الجزائري، رمضان لعمامرة، انفراج الوضع بإشراك الجزائر في التحقيقات حول حادثة الاعتداء.
وقال لعمامرة في مؤتمر صحافي ‘إن الجزائر التي طلبت رسميا إشراكها في التحقيق وترفض فرضية الفعل المعزول.. والأدلة موجودة’.
وأكد أنه ‘بمجرد بحث هذه المسألة يمكننا في ذلك الحين التطرق إلى تطورات محتملة أخرى’.
واعتبر الحادثة بأنها جاءت في ‘ظرف يؤزم الوضع′ واصفا إياها بأنها ‘مشكل في غاية الخطورة…والسلطات المغربية تعرف جيدا ما يجب فعله للخروج من هذا المأزق’.
من جانبه، قال أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية الدكتور إسماعيل دبش عميد كلية الإعلام والعلوم السياسية سابقا ليونايتد برس انترناشونال ‘أتأسف لربط المغرب الدائم وخاصة الإعلام في المملكة بين المشاكل التي يجدها النظام في تسيير ملف الصحراء الغربية والعلاقات مع الجزائر’.
وأضاف دبش ‘في كل مرة يكون فيه مؤتمر، مثل مؤتمر أبوجا أو روما (حول الصحراء الغربية) أو حتى إن نظم في أوستراليا، يخرج المغرب بنداء يفضح تجاوزاته في الصحراء الغربية وينتفض على الجزائر ويسقط عليها كل مشاكله، وهذا لا يمت للحقيقة بصلة’.
وتابع أنه حتى في مسألة المخدرات طلب وزير الخارجية المغربي من الجزائر’ مراقبة تهريب المخدرات على الحدود رغم أن الحدود مغلقة من جهة الجزائر بالإضافة إلى أن هذا يعد اعترافا بأن المغرب من أكبر منتجي المخدرات’. وقال ‘من جانب آخر فإن قضية النزاع في الصحراء الغربية قضية أممية، والأمم المتحدة وحدها من تقرر في النزاع، أما الدعوة إلى توسيع عمل مهمة المينورسو في الصحراء الغربية لحماية حقوق الإنسان الذي اتخذها المغرب ذريعة لتوتير علاقاته مع الجزائر وسحب سفيره للتشاور، طالبت به حتى الولايات المتحدة في الأمم المتحدة العام الماضي، وبالتالي لا يمكن اعتباره مبررا مغرباي كافيا لتفسير كل هذا التحامل المغربي على الجزائر’.
وفي ظل استمرار هذا التوتر فإن البلدين محكوم عليهما التفاهم حول القضايا العالقة بينهما كالخلاف حول الصحراء الغربية وقضايا الأمن والمخدرات والهجرة غير الشرعية على حدود البلدين فضلا عن ممتلكات الجزائريين في المغرب التي صادرتها الحكومة المغربية العام 1975 ردا على وقوف الجزائر إلى جانب جبهة البوليساريو والتي قدرتها بعض التقارير المحلية بأنها تتجاوز ملياري يورو وتشمل مزارع وفنادق وعقارات مختلفة.
وقد عبّر الرئيس عبد العزيز بوتفليقة نفسه عن ذلك عندما قال إن الجزائر لا يمكنها أن ترحل كما أن المغرب لا يمكنه أن يرحل هو أيضا وعليه وجب التفاهم وحل الخلافات بالحوار.

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire

المشاركات الشائعة