الشعب يريد إسقاط
، الشعار المركزي في الربيع الديمقراطي الذي زلزل الكراسي من تحت الطغاة و جعل نومهم
قليل و سبب لهم الصداع و صدموا من جرأة شعوبهم
الذين أذاقوهم الذل و الهوان و حكموهم بقبضة من فولاذ و جعلوا من أنفسهم آلهة مقدسة
لايجرأ أحد الاقتراب منهم ، عشنا مع هذه الثورات ثلاث سنوات وردية مليئة بالأمل و الأحلام
الذهبية و كنا نخال الطريق مفروشة بالورود بمجرد إسقاط الطغاة ... الشعب يريد إسقاط النظام...
ها وقد
تحقق هذا الشعار في بعض البلدان ... هل سقطت الأنظمة حقا ؟ هل تحقق الحلم الثوري؟ ...
كانت عملية إسقاط
الأنظمة في هذه البلدان التعيسة و المهشمة و المفقرة عبر عقود من الزمن قد تكون سهلة في بعض الأحيان، لكن توابعها ونتائجها
قد تشكل كارثة مرعبة على بعض الشعوب، خاصة وأن تلك الأنظمة لم تكن دول مؤسسات يمكن
أن تعيش بعد نفوق طواغيتها، بل كانت كلها مختزلة في شخوص الطغاة الذين حكموها، وبالتالي،
في اللحظة التي يسقط فيها الطاغية، فقل على تلك البلاد السلام، لأنها تصبح فجأة بؤراً
لكل أنواع الفوضى والانهيار والتشظي والتفتت والتقاتل، فلا مؤسسات عسكرية وأمنية يمكن
أن تضبط الأوضاع، لأن الطواغيت لم يبنوا بالأصل جيوشاً وأجهزة أمن وطنية تعنى بأمن
المواطنين والأوطان، بل بنوا ميليشيات وكتائب وعصابات عسكرية وأمنية كان هدفها الأول
والأخير حماية الطغاة وضيعاتهم الخاصة التي كانوا يسمونها زورا وبهتانا دولا شعوبها
ألصقوا بهم (تهمة) المواطنين..
ألم يحذرنا الطغاة
الهالكون من تلك الأمور و خيرونا بين بقائهم في السلطة جاثمين على صدورنا أو الفوضى
و التسيب و التطرف ؟ .. ألم يقلها مبارك في خطابه الأول: (أنا أو الفوضى) مخيرا الشعب
بين حكمه ونظامه أو الفوضى الخلاقة ... ألم يقلها "القذافي" و أبنه"
سيف الإسلام" بل وصل بهما الحد إلى تهديد
الشعب بالقتل مباشرة على شاشات التلفاز و أستحضر هنا قولة شهيرة للقذافي الابن عندما نطق قائلا : ( ليبيا
ستصير نار حمرة و تقسم إلى إمارات إسلامية ) ..
بالرجوع لواقع الحال
ألم تصدق أقوال الطغاة؟ و حصل ماحذروا الشعوب منه ، فبعد سقوط مبارك المخلوع لاحظنا كيف التف العسكر
على الحكم و استطاعوا السيطرة على مقاليد الحكم من جديد و قضوا على بصيص الأمل الذي
تعلق به الشعب غداة سقوط مبارك ، و بعد سقوط القذافي فقد تشظت البلاد على الفور إلى
قبائل ومناطق وعصابات متناحرة بسبب انهيار المؤسستين العسكرية والأمنية اللتين كانتا
مرتبطتين مباشرة بالقائد الساقط . و يفسر هذا التسيب بعد سقوط أزيد من ثلاثين مواطن
مؤخرا بالعاصمة طرابلس .
أثبت بالملوس خلال
المرحلة الانتقالية أننا لم نمتلك المشروع المجتمعي لتطبيقه بعد سقوط الطغاة و كنا نخرج للشارع بدافع الحماس
و الرغبة الحسنة و لم نفكر ماذا بعد عملية الإسقاط .
هذا الفراغ السياسي
و غياب دولة المؤسسات رسخه الهالكون من الطغاة . و التفاف الدول الإقليمية و الدولية
المتضررة من الربيع الديمقراطي على العملية الثورية مستغلين أموالهم و خلقهم لنزاعات
بين الفصائل و الأحزاب ليعم الخراب و تتأزم البلاد سياسيا و اقتصاديا لتعود راكعة لهم و لأعداء الديمقراطية . هذه العوامل حدت من وهج
الحلم الثوري و خندقته ، هل مازالت هناك شعوب
تسعى للتغيير؟و هي ترى أمامها نماذج دول فاشلة و أخرى على حافة الفشل ... هل أجهد الربيع
الديمقراطي ؟ هل هناك من أمل ؟ هل و هل .صدق
الطغاة؟.. أسئلة تبقى محيرة ربما لانملك لها الأجوبة حاليا !!! لكن الزمن كفيل بالإجابة
و كشف المستور.
عبد اللطيف حراق
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire