صرحت منظمة العفو الدولية إن محاكمة 24 مدنياً صحراوياً أمام إحدى المحاكم العسكرية في المغرب هي محاكمة معيبة منذ بدايتها، ودعت إلى محاكمتهم أمام محكمة مدنية، وإلى فتح تحقيق فيما زعموه من تعرضهم للتعذيب.
ويمثل أفراد المجموعة كافة، بما في ذلك بعض الناشطين، أمام المحكمة في الرباط اليوم وذلك على خلفية أحداث العنف التي اندلعت أثناء وعقب إزالة مخيم إكديم إيزك الاحتجاجي بالقرب من العيون بالصحراء الغربية في نوفمبر من عام 2010، حيث شهدت تلك الأحداث أيضاً مقتل 11 عنصراً من عناصر قوات الأمن، واثنين من الصحراويين.
ولقد زعم معظم المتهمين بتعرضهم للتعذيب وغيره من ضروب سوء المعاملة خلال مراحل مختلفة من مدة احتجازهم لأكثر من عاميْن بانتظار المحاكمة. وقالوا أن البعض منهم قد أُجبروا على التوقيع على إفاداتهم.
وفي معرض تعليقه على الموضوع، قال مدير برنامج الشرق الأوسط وشمال إفريقيا بمنظمة العفو الدولية، فيليب لوثر: "لا تلبي محاكمة المدنيين أمام محكمة عسكرية المعايير المعتمدة دولياً في مجال ضمان المحاكمات العادلة. ويتعين محاكمة هؤلاء المتهمين الأربعة والعشرين أمام محكمة مدنية مع كل ما يرافق ذلك من توفير ضمانات خاصة بحقوق الإنسان، كما أنه لا يجوز بأية حال أن يُحكم عليهم بالإعدام".
واختتم لوثر تعليقه قائلاً: "يتعين التحقيق في مزاعم تعرض المحتجزين للتعذيب، وعلى المحكمة ألا تأخذ بأية أدلة انتُزعت منهم تحت التعذيب. كما يتعين على السلطات أن تُجري تحقيقاً مستقلاً ومحايداً في أحداث مخيم إكديم إيزك، وإن كان قد مضى سنتين على ذلك الأمر".
وتواجه أفراد تلك المجموعة التي تتضمن أعضاء من مؤسسات المجتمع المدني الصحراوية، وناشطين سياسيين صحراويين، تهماً تشمل الانتساب لعضوية منظمة إجرامية، وافتعال العنف ضد مسؤولين حكوميين، وتدنيس حرمة جثمان من الجثامين.
ويمكن أن تصل عقوبة ارتكاب أعمال عنف ضد مسؤول حكومي إلى عقوبة الإعدام في حال أفضى العنف المذكور إلى التسبب في مقتل المسؤول عن عمد وسابق إصرار.
وفي 8 نوفمبر 2010، اندلعت أعمال عنف عندما حاولت قوات الأمن المغربية إبعاد أشخاص بالقوة عن مخيم إكديم إيزك الاحتجاجي، وإزالته بعد أن أُقيم على بعد بضعة كيلومترات شرقي مدينة العيون في الصحراء الغربية الخاضعة للإدارة المغربية.
وكان المخيم في إكديم إيزك قد أُقيم على أيدي صحراويين احتجاجاً منهم على ما يرونه من تهميش لهم، وللمطالبة بالحصول على فرص عمل، وسكن ملائم.
ولقد قُتل أحد عشر عنصراً من عناصر قوات الأمن، واثنان من الصحراويين أثناء أحداث العنف تلك.
واعتقلت قوات الأمن حوالي 200 صحراوياً أثناء اندلاع أحداث العنف وفي الأيام القليلة التي أعقبتها. كما قامت قوات الأمن بمزيد من الاعتقالات في ديسمبر.
ولقد أُخلي سبيل معظم المعتقلين باستثناء 24 منهم، وهم الذين يُحاكمون اليوم بعد أن أمضوا سنتين في الحجز في سجن سلا بالرباط بانتظار المحاكمة.
وفي ديسمبر 2010، نشرت منظمة العفو الدولية تقريراً في أعقاب بعثة أرسلتها المنظمة إلى المغرب والصحراء الغربية لتقصي الحقائق والتحقيق في مزاعم التعذيب وانتهاكات حقوق الإنسان التي ارتُكبت على صعيد يتصل بأحداث 8 نوفمبر في إكديم إيزك والعيون.
وفي أعقاب استعراضها لتقرير المغرب في ديسمبر من عام 2011، صرحت لجنة الأمم المتحدة المعنية بمناهضة التعذيب أنه كان "ينبغي على المغرب وضع تدابير أقوى بغية ضمان إجراء تحقيقات شاملة ومحايدة وفعالة بأسرع وقت ممكن في أحداث العنف، والوفيات التي وقعت أثناء تفكيك وإزالة مخيم إكديم إيزك، وضمان مقاضاة المسؤولين عن تلك الأفعال"، مضيفةً أنه يجدر بالمغرب "تعديل قوانينه بحيث تحرص على محاكمة المدنيين أمام محاكم مدنية فقط".
وخلال زيارته إلى المغرب والصحراء الغربية في سبتمبر 2012، أشار المقرر الأممي الخاص بقضايا التعذيب إلى أن المدعين العامين وقضاة التحقيق نادراً ما يقومون بالتحقيق في مزاعم التي تتحدث عن استخدام التعذيب لانتزاع الأدلة أو الاعترافات أثناء مراحل الاستجواب الأولية.
ولقد صرح خوان مينديز قائلاً: "يظهر أن نظام تقديم الشكاوى المتعلقة بمزاعم التعذيب وغيره من ضروب سوء المعاملة، والتحقيق فيها، ومعاقبة مرتكبيها، موجود على الورق فقط من الناحية القانونية باستثناء القلة القليلة من الحالات؛ وعليه، فينبغي جَسْر هذه الهوة ما بين نصوص القانون وتطبيقاته العملية".
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire