معارك لم تتوقف منذ سنوات.. تهديدات دبلوماسية يعقبها تصعيد عسكري.. وحدود صحراوية متنازع عليها عجز الجميع عن حلها.. اتهامات تارة بإشعال الفتن، وأخرى بتمويل الإرهاب، رغم أنهما تربطهما لغة واحدة وحدود واحدة، ألا أنهم دائما ما يتنازعون لأسباب تبدو مؤامراتية، فالمغرب والجزائر التي تربطهم علاقات دائمة لعروبتهم وثقافتهم المتقاربة ودائمًا ما تهدأ وتتصاعد لا يعرف أحد إلى متى يستمر التوتر في العلاقات بين البلدين.
فالعلاقات الجزائرية المغربية يسيطر عليها حالة من الشد والجذب، أشبه بالحرب الباردة، فكانت ّقضية الصحراء بطلتها في السنوات الأخيرة، إلا أن الوضع تغير مؤخرًا حتى تحول الصراع إلى استهداف المدنيين من قبل جنود للجيش الجزائري.
وكانت أقدمت 3 عناصر من جنود الجيش الجزائري على استهداف عشرة مدنيين بدوار أولاد صالح، التابع للجماعة القروية بني خالد الواقعة على بعد30 كيلومترا شمال شرق مدينة وجدة.
"توتر دبلوماسي"
وأعلن وزير الداخلية المغربي، محمد حصاد، إصابة الصالحي رزق الله وعمره 28 سنة، بجروح بليغة على مستوى الوجه، قائلاً إن الرصاصة اخترقت الأنف"، ما يعني أن "الرصاصة استهدفت الوجه"، ما يعني أن الهدف كان القتل".
من جهة أخرى أعلن صلاح الدين مزوار، وزير الشؤون الخارجية والتعاون، عن استدعاء السفير الجزائري لإبلاغه احتجاج المغرب رسميًا على الحادث، مسجلا "استياء حكومة المملكة المغربية وقلقها الكبيرين تجاه الحادث الذي وصفه بالخطير".
ومن جهتها نددت الحكومة المغربية، في بلاغ لها، على هذا المس المباشر بحياة المواطنين المدنيين المغاربة من طرف الجيش الجزائري؛ إذ شجبت الحكومة هذا التصرف غير المسؤول الذي ينضاف إلى الأفعال المستفزة الأخرى التي تم تسجيلها في الآونة الأخيرة على مستوى الشريط الحدودي، كما تطلب من الحكومة الجزائرية تحمل مسؤولياتها طبقا لقواعد القانون الدولي وموافاة السلطات المغربية بملابسات هذا الحادث".
"سياجات حديدية"
وكان المغرب قد عبّر خلال شهر فبراير الماضي عن أسفه لإقدام عناصر من الجيش الجزائري على إطلاق أعيرة نارية في اتجاه مركز للمراقبة على الشريط الحدودي بإقليم فجيج وطالب بتوضيح ظروف وملابسات وقوع هذا الحادث.
وطالب المغرب الجزائر بالتحقيق في حادث إطلاق نار على مواطنين مغاربة منتصف نهار، ووصفت الرباط الحادث بجرس للإنذار وبأنه ليس عاديا ولا سهلا، موضحة في نفس السياق، أنها تنتظر الرد الرسمي الجزائري.
وفي سابقة جديدة من نوعها، كشف وزير الداخلية محمد حصاد عن بناء الرباط لسياج حديدي على الشريط الحدودي البري مع الجزائر، على طول 140 كيلومترا.
وبحسب صلاح الدين مزوار، وزير الخارجية، فإن سفير الجزائر في الرباط، أبلغ الدبلوماسية المغربية عند استدعائه أنه لم يكن يعلم بحادث إطلاق النار.
"حرب قادمة"
اللواء نبيل فؤاد الخبير العسكري ومساعد وزير الدفاع الأسبق قال إن الصراع المغربي الجزائري سيمتد لسنوات قادمة، خصوصًا وأن الخلافات بين البلدين تاريخية، فالمشكلات تتعلق ب"الصحراء"، وموقف كلتا الدولتين من مليشيات البوليساريو، وخلفية تلك الخلافات.
وأوضح الخبير العسكري أن التوتر الحدودي الجزائري المغربي يشكل خطراً كبيراً على المنطقة العربية، خصوصاً وأن جيوش كلتا الدولتين يعد أهم ما تبقى من القوات القتالية العربية بعد مصر في المنطقة.
وتابع فؤاد أن فترة الستينيات شهدت حرباً عسكرية بين المغرب والجزائر، وبلغ الصدام العسكري ذروته، وانحازت مصر وقتها إلي الجزائر، وبالتالي فقد تتجدد تلك الصدامات حال استمرار النزاع الحدودي بين البلدين، مشيراً إلى أن السياجات الحدودية التي تعكف بعض الدول إقامتها ليست حلاً للنزاعات الحدودية.
جدير بالذكر أن الحدود الجزائرية _المغربية تشهد توتراً كبيراً، بعد واقعة إطلاق نار من قوات الجيش الجزائري علي بعض المدنيين من قرية دوار أولا صالح المغربية، علي الحدود بين البلدين، والتي أسفرت عن إصابة مدنيين.
وأعلنت الحكومة المغربية أن الأمر يتعلق بحادث خطير، منددة في نفس الاتجاه بهذا الحادث، ووصفته بالفعل الاستفزازي، وبالانتهاك لسلامة حياة المواطنين المغاربة.
والحدود البرية البالغ طولها 1500 كلم بين البلدين -اللذين يضمان أكثر من سبعين مليون نسمة- مغلقة منذ 1994، كرد فعل من السلطات الجزائرية على فرض الرباط تأشيرة الدخول على رعاياها بعد اتهام الجزائر بالتورط في تفجيرات استهدفت فندقا بمراكش.